بقلم الباحث عبد الجليل بوحشلاف : ظرية البيت الداخلي التنمية والتقدم ام تفقير الفقير

نحلي بريس :

كان بودي ان أكتب عن لبنان وأزمته السياسية وكيف يمكن ان تكون مخرجاتها ففجأة توقف عقلي عن التفكير ،و انكسرقلمي فغيرته فابى ان يكتب شيئا فتسألت ما السبب الذي جعل علقي يتوقف وقلمي ينكسر ،ورفعت رأسي لأرى في التلفاز عاجل وفاة خمسة عشر امرأة في تدافع لتوزيع المواد الغدائية . في صور تقشعر لها الأبدان وتؤلم القلوب حتى لو كانوا من الأعداء ،نعم انها صور مكادور .وبدون ان أشعر تحول مقالي من بيروت الى الصويرة ليكتب المأساة والحزن الذي يخيم على الوطن وخاصة قرية بوعلام بمدينة الصويرة.فالسؤال الذي يطرحه كل مواطن . كيف تحول توزيع المساعدات الغدائية الى مأثم العزاء.وهل كان من الممكن تجنب هذه الفاجعة ؟التي تجعلنا نستفيق من نسيان الفواجع التي المت بنا سلفا وسباتنا العميق الذي يكشف المستور المغطى ببعض المساحيق .انه الفقر المذقع الذي يخيم كساحبة سوداء على الكثير من المناطق بالمملكة في صمت رهيب .بعيدا عن انظار الساسة والمسؤولين الذي لا يكثرتون لهذه للمواضيع نظرا لما يعشونه من بحبوبحة وتعويضات سمينة دون قيام بواجباتهم ومسؤوليتهم على اكمل وجه لتظهر ويحس المواطن بها . فقد سئم المواطن من التشخيص للوضع ،الى جانب تصريحات الصبيانية لبعض المسؤولين التي تستفز المواطن كأن الأمور على افضل حال،والتي تسئ للوطن داخليا وخارجيا لتفتح علينا ابواب جنهم ليتلذذ الأعداء في وصف مأسيناة ونحن نتحسر عليها مطأطئين الرؤوس . تجعلنا نفكر في نظرية البيت الداخلي وكيف يمكن ان نجعلها واقعا نعيش في ظله ونتذوق المرارة ونقرها لنتذوق عسل العدالة الإجتماعية قولا وفعلا .ان نظرية البيت الداخلي تقوم على الترتيب والتنظيم المحكم للبيت الذي يجعل من الفقير شخصا سعيدا متمتعا بكافة حقوقه .مرتاح البال ينظر الى المستقبل بتفاؤل .ومن جهة أخرى يكون المسؤول مسرورا لا بما يأخده من المال وتعويضات شهرية ،بل يكون في سعادة عندما يقوم بواجبه على اكمل وجه ويجتهد اكثر ليرى بسمة فرح على افراد مجتمع متا فنيا في عمله دون ان يحتاج الى رقيب او حسيب .انه المواطن والسياسي والمسؤول الحقيقي الذي يحب وطنه حبا منقطع النظير قولا وعملا.، يستقبل الضيوف دون ان يستحي من استقبالهم لأن البيت مبعثر. وقد يتسأل الضيوف عن أسباب تبعثر فيجد نفسه محرجا لا جواب له على الأسئلة ضيوفه ،وقد تأتي الأزمات الخارجية وتلتقي مع الأزمات الداخلية ولن يستطيع هذا البيت ان يصمد امام هذه التحديات لأن ساساته قد خانو الأمانة واتو على الأخضر واليابس، عندما ان يكون احساس بالآخرين وتجدهم في موكب الجنائر يقدمون العزاء دون استحياء. والأمثلة الكثيرة تبين وتوضح لنا اهمية نظرية البيت الداخلي التي قوامها التنمية الحقيقية ومحاربة الفقر والهشاشة كمحاربة الأوبئة ليس بالأقوال بل بالأفعال . فعندما تسأل المواطن عن حاله يجبك والإبتسامة على محياه مسرورا بأوضاعه فرحا بحياته السعيدة .وليس حزينا كئيبا متحسرا على وضعيته المزرية وعلى حقوقه التي اخذها الملهوطين والملهوطات وهم نيام .فالمجتمعات تتقدم بأبنائها الذين يسهرون على تنظيم هذا البيت كل واحد من منصبه وخاصة الساسة والمسؤولين الذين يدبرون الشأن العام ،لكن والأسف عندما انظر النماذج في القرى الغربية اتحسر على وطنى الذي يعيش الفقر والجوع ومسؤوليه يضحكون يتلذوذون كما تلذذ نيرون بإشعاله النار في روما .وتجدهم في الإنتخابات يصبحون كالأنعام او اقل منها يقنعون المواطن بانهم الأجدر بتحمل المسؤولية ،والمواطن يعرفهم انه لن يراهم الا في التلفاز يتصورن ويضحكون الى ان تأتي الإستحقاقات المقبلة وهكذا تمر الأيام ويعيش المواطن الفقير على المستقبل الملغوم وحيدا يتألم من شدة الفقر والمرض قتله التفكير . الى أين يا وطني ... لك الله ياوطني

مقال: الاصرة العلمية أقوى من الاصرة السياسة في الذاكرة المشتركة المغربية الجزائرية: بقلم: د، بنعيسى النية، باحث في الدراسات الاسلامية.

نحلي بريس :

الدور الكبير الذي قام به العلماء في تنمية الاصرة العلمية للتلاميذ الجزائريين أو المغاربة، وانتجوا جيلا منافحا عن التوحيد واختاروا معا خصوصية دينية واحدة تتجلى في نظم ابن عاشر:
                في عقد الأشعري وفقه مالك  وفي طريقة الجنيد السالك.
  وفي هذا المقال نقف على نموذجين لإبراز أهمية الاصرة العلمية المشتركة المغربية الجزائرية.
أولا: ابن زاكور المتوفى في العشرين من المحرم الحرام من سنة مائة وعشرين والف هجرية، عاش خمس وأربعين سنة، كتب فيها تسعة عشر كتابا في مختلف العلوم، ويبقى السؤال المطروح على هذا النموذج كالاتي:
_ فما السر في نبوغ هذا الرجل؟ ومن أي الينابيع اغترف؟ وما مميزات اتاره العلمية والتي تمثل شهادة الاصرة العلمية المغربية الجزائرية؟ كما يشهد على ذلك ما أقره في مؤلفه " نشر أزاهر البستان فيمن أجازني بالجزائر وتطوان" وهو أول مؤلف له وثق فيه جميع الاجازات والشهادات العلمية الكتابية والشفاهية التي تلقاها من شيوخه واعلام عصره، كما تحدث فيه عن هؤلاء الشيوخ سواء في المغرب او الجزائر، ومن الذين اخذ عنهم  في الجزائر أساتذة كبار وعلماء فطاحل، ففي الفقه والحديث اخذ عن أبي عبد الله بن سعيد قدورة ( ت 1098ه)، وفي الأصول والمنطق عن أبي حفص عمر المنجلاتي، وفي الأدب عن أبي عبد الله محمد الحسيني الجزائري، وكل هؤلاء الأعلام أسهموا في بلورة شخصية هذا الاديب الناقد بصقل موهبته وتهذيب فكره، وتربية ذوقه وحسه النقدي في علوم مختلفة وفنون متنوعة، وقد حصل على كل واحد منهم على إجازة مطلقة عامة تامة شاملة بما اخذ عنه من علوم، وما تلقاه عنه من معارف ومرويات، ولكن رجلا واحدا من هؤلاء جميعا ظل هو صاحب الفضل الخالد في تكوين شخصية ابن زاكور الانسانية والعلمية والخلقية.
النموذج الثاني: أحمد المقري:
هو أبو العباس أحمد بن محمد بن يحيى عبد الرحمان بن أبي العيش المقري التلمساني، ولد سنة 986هـ وتوفي عام 1041/ 1631م.
تلقى تعليمه بمسقط رأسه تلمسان على يد عمه سعيد المقري وغيره من علماء العصر، وعندما بلغ سن الثالثة والعشرين من عمره أي سنة تسع وألف الهجرية توجه إلى الزاوية الدلائية بالمغرب، واخذ العلم عن جملة من أساتذتها خاصة أستاذه وشيخه محمد بن أبي بكر الدلائي الذي كان معجبا بحافظته ونجابته في الحديث، ولكن رأى فيه عدم التثبت والتحري اللازمين للرواية، تم قصد مراكش، فتعرف على جماعة من العلماء والأدباء فحدثت بينه وبينهم مساجلات ومطارحات ذكرها في مؤلفه" روضة الأس العاطرة الأنفاس في ذكر من لقيته من أعلام الحضرتين مراكش وفاس".
ومن أهم المؤلفات التي تركها المقري في مجال التوحيد هي الان بالخزانات المغربية:
1_ إتحاف المغري في شرح الصغرى للسنوسي المتوفى عام 895هـ/ 1630م، مخطوط بالخزانة الحسنية بالرباط تحت، رقم: 3544و 5928.
2_ إضاءة الدجنة بعقائد أهل السنة، مخطوط بالخزانة العامة بالرباط تحت رقمي: 2742 ك و 1227، ضمن مجموع من 454 إلى 943، بالخزانة الحسنية تحت رقمي: 614 و 7193.
جاء هذا المؤلف نظما في خمسمائة بيت، تناول فيه المقري أصول الدين ومسائل التوحيد، وقام بتدريسه للطلبة في مكة ودمشق والقاهرة، وأجاز به من طلب منه ذلك من العلماء الذين كانوا مواظبين على دروسه وفهمها، وعن هذا المؤلف والمدن التي درس فيها كتابه إضاءة الدجنة، يقول المقري:

وَأَنَّني كُنْتُ نَّظَمْتُ فيه
لطالبِ عقيدَة تَكْفِيهِ
سميتها إضاءَة الدَّجْنَةْ
وقد رجوتُ أن تكونَ جَنَّةْ
وبعد أن أقرأتها بمصر
ومكة وبعضا من اهل العصر
درستها لما دخلت الشاما
بجامع في الحسن لا يسامي.

قام بالشرح على إضاءة الدجنة محمد بن المختار الأعمش العلوي الشنقيطي في مؤلفه:" فتوحات ذي الرحمة والمنة في شرح إضاءة الدجنة".
طبع كتاب: إضاءة الدجنة سنة 1304هـ بالقاهرة عن مطبعة محمد أفندي بهامش شرح الشيخ عليش للعقيدة السنوسية.
3_ إعمال الذهن والفكر في المسائل المتنوعة الأجناس الواردة من الشيخ سيدي محمد بن أبي بكر، بركة الزمان وبقية الناس، وأورده سليمان الحوات في مؤلفه البدور الضاوية، ورقة: 64 أ_ 61 ب، مخطوط بالخزانة العامة بالرباط تحت رقم 261د.
4_ نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، وقد اختصره أبو العباس احمد بن محمد الرهوني التطواني المتوفى عام 1373هـ، المسمى ب ( اللؤلؤ الطيب من كتاب نفح الطيب).
ومن ينظر نظرة فاحصة في كتابه ( نفح الطيب ) فإنه سيقف أمام رجل موسوعي الثقافة، دون فيه ما انتهى اليه من علوم عصره، وما ساد من أدب دهره، وما راج من فكر أهل زمانه، فأضحى الكتاب موسوعة علمية لمختلف علوم وثقافة أهل المشرق والمغرب على السواء، بحيث أزاح عن الأمة الإسلامية كل الحواجز الزمانية والمكانية، وقد بلغ من تعلقه بالمسلمين أنه فتن بالأندلس كما فتن ببلاد الشام، ولم ير الأندلس رأي العين، ومن يطالع " نفح الطيب" يعجب لهذه النفحة الأندلسية التي تملأ جوانحه، ولهذه الموسوعية التي يحملها فكره، ولهذه الدقة التي صور بها حياة الأندلس والأندلسيين في مختلف جوانب حياتهم من عادات وتقاليد ومراسلات وأشعار، وقضايا حكمهم وسياستهم، وتراجم أعلامهم، بطرائفهم ونوادرهم، حتى يخيل للقارئ أنه واحد منهم، وقد عاش بين أحضانهم، وما ذلك إلا لأنه " ظل طوال حياته شديد التعلق بأخبار الأندلس، دائم الاطلاع على تاريخها وأدبها وعلومها، مثابرا على استقصاء تلك الأخبار وجمع شتى المعلومات وطلبها في مظانها الأصلية ومراجعها الامنية الموثوق بها.
وهذا هو ما يعطينا صورة واضحة عن شخصيته العلمية الفذة، من جهة، ومن جهة ثانية يعطينا تجسيدا حيا للرجل المسلم الذي يحمل ألام أمته وهمومها، ويتفطر قلبه لما يحدث لها.
وبناء على ما سبق، فإن النموذجين (ابن زاكور والمقري) رحمهما الله تعالى لا يستطيع هذا المقال أن يوفيهما حقهما الأكبر في أن نبرز مختلف جوانبهما الشخصية العلمية في هذه الاسطر القليلة، واحسب هذا المقال تكريما لهما بما قام بهما من أعمال مجيدة في حياتهما، ومما تركا من اثار جليلة بعد وفاتهما، كما احسب هذا المقال مظهر من مظاهر الحضارة والأصالة لتكريم أعلام الأمة، وحسبي أن أشارك بهذا المقال لأؤدي بعض ما له علي من حق باعتبارهما نموذجين يحتدى بهما في مجال الاصرة العقدية العلمية المشتركة المغربية الجزائرية، وما له من ضرورة عينية على الباحثين بالقيام به، في التراث المغربي الجزائري المشترك باعتباره يمثل هوية دينية توحيدية المثمثلة في:" عقيدة الأشعري ومذهب الامام مالك وسلوك الامام الجيد".
ومن تم يفرض علينا هذا المقال السؤال الإشكالي للإجابة عليه في مقال اخر وهو كالاتي: كيف أثرت اصرة العقيدة المغربية في المقري الجزائري؟ وأين تتجلى حدود تأثير أشعرية المقري في الشروحات العقدية المغربية؟ وهل تسطيع هذه الاسهامات العقدية أن تذوب الخلاف السياسي المغربي الجزائري المعاصر؟.
ويبقى السؤال مطروحا على المعاهد ومراكز البحث والمؤسسات العلمية من جامعات ومجالس علمية أن تقدم إجاباتها عن هذا الاشكال البسيط الذي يعجز اصرة السياسة المغربية الجزائرية؟.