المقطع الاباحي .. و تجليات الواقع المتوحش


لا أعلم ماهية غرابة الامر و لا سبب استياء رواد مواقع التواصل الاجتماعي و شرائح المجتمع المدني من شذوذ انجالنا اليافعين ؟ ما الغريب في الموضوع ؟ هذه السلوكات هي نتيجة بديهية جدا لمواقف متكررة و متداولة في حياتنا اليومية .. فالمدرسة الاولى بحياة الفرد - الاسرة - معظم افرادها منشغلين بالعمل .. بالمشاكل الشخصية .. بالطلاق .. بالخيانة .. بالهاتف .. بالفيس بوك .. او بالتجارة عبر القنوات الخاصة على اليوتيوب لربح المال و مظاهر الانشغالات كثيرة . ما جعل تربية جيل المستقبل مسألة ثانوية تحتجب وراء عبارة .. دعه ان لم اربيه انا ستربيه الحياة .. اما ان جرنا الحديث عن المدرسة الثانية و التي هي حق اساس ضمن بنود مدونات حقوق الانسان العالمية فلن انهي هذا المقال .. لنتخيل هذا الصغير و مشواره منذ مغادرته صباحا حتى المساء .. طريقه الى المدرسة ستكون ملئ بالكلمات النابية التي اصبحت مباحة لدى الصغار و الكبار بالشوارع و التي لم تعد تمس الذوق العام هذا إن تبقى شيء من الذوق العام أصلا .. نحو باب المدرسة سنجد تجار الممنوعات المنحرفين المحترفين منتشرين بدون رقابة و على مرأى و مسمع من الجميع . إلى الفصل الذي يعج بأكثر من خمسين طالب و طالبة . إلى غياب الاساتذة بعذر و غير عذر و حتى إن حضر فهو يحرس الخمسين ربيعا دون تعليمهم لأن الامر مستحيل . ناهيك عن بعض رجال التعليم -أحرقهم الله في ناره- الذين يلجون الفصول بركام الشتائم الثقيل لينفثوه جاما في وجه الشباب دون وجه حق فالأمر و ان كان ردة فعل لاستفزاز مراهق أو لقلة أدب مقصودة من التلميذ مرفوض بتاتا .. لنعد لموضوعنا الأساس المقطع الإباحي و الواقع المتوحش .. سألت بأول المقال .. ما الغريب بالامر ؟ ان صادفنا يافعين بالمشفى يعانون السعار جراء معاشرة الحيوان أو اخرين يغتصبون فتاة معاقة ذهنيا بحافلة فارغة من الركاب ؟ ثالث الأسباب التي جعلتني أستنكر استغراب الناس من الفعل الشاذ الممنوع بكل تجلياته ، هو هاتفنا الذكي الذي لا يفارق أسرتنا و لا جيوبنا طيلة الوقت .. .. من منكم يراقب المراهق ليلا رفقة هاتفه الشخصي المتصل سلفا بشبكة الانترنيت؟ هذا الصغير الذي للتو أحس بكينونته وهو يرقب بكبرياء عظيم تغير جسده الغض من جسم طفل الى جسم راشد . هذا الصغير الذي لم تربيه اسرته تربية جنسية سليمة و لم تهتم بتلقينه تعاليم الدين الحنيف و الواجب و الحق و المسؤولية بعذر العيب و المحضور. هذا الصغير الذي يستطيع بنقرة على شاشة هاتفه الخلوي دخول عوالم الفعل الإباحي دون حسيب و لا رقيب .. و أترك لكم تخيل الأمر و كيف يتم و بم ينتهي .. بديهي أن يصير لديه كل سلوك قبيح مشين مرفوض عادي للغاية بل مستهلك و متداول .. استغربت الأمر ببساطة لاننا أهملنا عالمنا الحي. واقعنا الافتراضي سرق منا الإنسان و القيم و الأخلاق و الدين و تركنا نتخبط في جهل مستطير .. استغربت لأن الفضائح صارت بالآلاف جاهزة للجميع ، راشدين و قصّر .. استغربت لأن حياتنا غدت خالية من التبصر في آيات الرحمان حول الستر و الجزاء و العقاب نسينا تعاليم الإسلام في التربية الصحيحة و الطريقة السليمة .. نسينا الواجب الأبوي و الضمير المهني لإنشاء رجل صالح متزن .. ينفع هذا الوطن و لا يضره أبدا .. و انصرفنا للعتاب و اللوم و اللغط و الادانة للاخر فردا كان او مؤسسة او مجتمعا باكمله و نسينا ان المحاسبة تبدأ من مراقبة الذات..

بقلم الأستاذة الشاعرة :مريم عبد المجيد بورداد

شاركوا في صفحاتكم

مواضيع ذات صلة

التالي
« Prev Post
السـابق
Next Post »